اللّغةُ بَيْنَ التَّداول الاسْتعماليّ وذهنيّة القياس، دراسةٌ في الشّاهد النّحويّ بين سيبويه والمبرِّ

 

اللّغةُ بَيْنَ التَّداول الاسْتعمالي وذهنيّة القياس، دراسةٌ في الشّاهد النّحويّ بين سيبويه والمبرِّد

مأمون "علي حيدر" سفهان الحباشنة

جامعة مؤتة، 2010م

 

تَهْدف هذه الدّراسة إلى الإجابة عن السؤال التالي: هل النّحو العربيّ كلّ ما ورد من استعمالات لغويّة تَسْتَند إليها الأحكام النّحويّة؟ أم لجأ النّحاة إلى الاحْتِكام إلى عناصر خارج العمليّة اللّغويّة؟

إنّ دراسة اللغة تَنْطلق من النّظرِ إلى الاستعمال اللّغويّ على أنّه يَشْتَمل على جميع عناصر العمليّة اللّغويّة، ولكن يُوجد أنماط لغويّة تَخْرج عن القاعدة النّحويّة، لذلك لجأ النّحاة أثناء التّعامل مع هذه الأنماط إلى عناصر غير لغويّة كالفلسفة، والمنطق، والقياس الذّهنيّ، لتقديم التّعليلات والتّفسيرات، ممّا أدّى إلى فتحِ أبواب جديدة في النّحو، تقوم على التّأويل والتّقدير والتّفسير، من شأنها ضبط القاعدة النّحويّة. ولكنّ هذا التّأويل له ضوابط وقواعد بحيثُ لا يخلق تعارضاً بين العقل والقاعدة، وإنّما يتّفق مع العقل، ولكنّ الكثير من العلماء قد غالوا في هذا الجانب حتّى صَرَفوا قواعد اللّغة عن أنظمتها الحقيقيّة، لذلك كانت القواعد الفرعيّة التي بُنيت عليها الذّهنيّة أكثر من القواعد النّصيّة الثابتة.

والمُتَتَبّع لكتاب سيبويه وكتاب المقتضب للمبرّد يجدُ الكثير من الخلافات الذّهنيّة بينهما، فقد خالفَ المبرّدُ سيبويه في الكثير من المسائل اللّغويّة التي تقوم على الجانب الذّهنيّ للغة، بمعنى أنّ الخلافَ بينهما لم يكن حول أصلٍ من الأصول، وإنّما حول القواعد التي تُبنى على الفروع، فكلٌّ منهما يفسّر الظّاهرة اللّغويّة انطلاقاً من فهمه للغة، وقدرته على توظيف العناصر غير اللّغويّة؛ لذلك ساهمت هذه العناصر في إغناء النّحو العربيّ، وجعلت القاعدة النّحويّة أكثر مقدرة على التّعامل مع الاستعمال اللّغويّ. كما ساهمت هذه العناصر في تقديم المصطلح النّحويّ بصورة يستطيع أن يَخْتزل الكثير من الاستعمالات اللّغويّة التي تندرج تحته.